فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال قتادة: قدّر لهم إذا كفروا أن يغرقوا.
وقرأ الجحدري (فالتقى الماءان) وقرأ الحسن (فالتقى الماوان) ورويت هذه القراءة عن عليّ بن أبي طالب، ومحمد بن كعب: {وَحَمَلْنَاهُ على ذَاتِ ألواح وَدُسُرٍ} أي: وحملنا نوحًا على سفينة ذات ألواح، وهي الأخشاب العريضة {وَدُسُرٍ} قال الزجاج: هي المسامير التي تشدّ بها الألواح واحدها: دسار، وكل شيء أدخل في شيء يشدّه فهو الدسر، وكذا قال قتادة، ومحمد بن كعب، وابن زيد، وسعيد بن جبير، وغيرهم.
وقال الحسن، وشهر بن حوشب، وعكرمة: الدسر: ظهر السفينة التي يضربها الموج، سميت بذلك لأنها تدسر الماء، أي: تدفعه، والدسر: الدفع.
وقال الليث: الدسار: خيط تشدّ به ألواح السفينة.
قال في الصحاح: الدسار واحد الدسر: وهي خيوط تشدّ بها ألواح السفينة، ويقال: هي المسامير {تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا} أي: بمنظر ومرأى منا وحفظ لها، كما في قوله: {واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا} [هود: 37] وقيل: بأمرنا، وقيل: بوحينا، وقيل: بالأعين النابعة من الأرض، وقيل: بأعين أوليائنا من الملائكة الموكلين بحفظها {جَزَاء لّمَن كَانَ كُفِرَ} قال الفراء: فعلنا به وبهم ما فعلنا من إنجائه وإغراقهم ثوابًا لمن كفر به وجحد أمره، وهو نوح عليه السلام، فإنه كان لهم نعمة كفروها، فانتصاب {جزاء} على العلة، وقيل: على المصدرية بفعل مقدّر، أي: جازيناهم جزاء.
قرأ الجمهور (كفر) مبنيًا للمفعول، والمراد به نوح.
وقيل: هو الله سبحانه، فإنهم كفروا به، وجحدوا نعمته.
وقرأ يزيد بن رومان، وقتادة، ومجاهد، وحميد، وعيسى كفر بفتح الكاف، والفاء مبنيًا للفاعل، أي: جزاء وعقابًا لمن كفر بالله.
{وَلَقَدْ تركناها ءايَةً} أي: السفينة تركها الله عبرة للمعتبرين، وقيل المعنى: ولقد تركنا هذه الفعلة التي فعلناها بهم عبرة، وموعظة.
{فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} أصله: مذتكر، فأبدلت التاء دالًا مهملة، ثم أبدلت المعجمة مهملة لتقاربهما، وأدغمت الدال في الذال، والمعنى: هل من متعظ ومعتبر يتعظ بهذه الآية، ويعتبر بها.
{فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ} أي: إنذاري.
قال الفراء: الإنذار والنذر مصدران، والاستفهام للتهويل والتعجيب، أي: كانا على كيفية هائلة عجيبة لا يحيط بها الوصف، وقيل: نذر جمع نذير، ونذير بمعنى الإنذار كنكير: بمعنى الإنكار {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرءان لِلذّكْرِ} أي: سهلناه للحفظ، وأعنا عليه من أراد حفظه، وقيل: هيأناه للتذكر والاتعاظ {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} أي: متعظ بمواعظه ومعتبر بعبره.
وفي الآية الحث على درس القرآن، والاستكثار من تلاوته، والمسارعة في تعلمه، ومدكر أصله: مذتكر، كما تقدّم قريبًا.
وقد أخرج البخاري، ومسلم، وغيرهما عن أنس: أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما.
وروي عنه من طريق أخرى عند مسلم، والترمذي، وغيرهم وقال: فنزلت: {اقتربت الساعة وانشق القمر} وأخرج البخاري، ومسلم، وغيرهما عن ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين: فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشهدوا» وأخرج عبد بن حميد، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عنه قال: رأيت القمر منشقًا شقتين مرّتين: مرّة بمكة قبل أن يخرج النبيّ صلى الله عليه وسلم: شقة على أبي قبيس، وشقة على السويداء.
وذكر أن هذا سبب نزول الآية.
وأخرج أحمد، وعبد بن حميد، وابن جرير، والحاكم وصححه، وابن مردويه، وأبو نعيم عنه أيضًا قال: رأيت القمر وقد انشقّ، وأبصرت الجبل بين فرجتي القمر.
وله طرق عنه.
وأخرج البخاري، ومسلم، وغيرهما عن ابن عباس قال: انشقّ القمر في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وله طرق عنه.
وأخرج مسلم، والترمذي، وغيرهما عن ابن عمر في قوله: {اقتربت الساعة وانشق القمر} قال: كان ذلك على عهد رسول الله انشقّ فرقتين: فرقة من دون الجبل، وفرقة خلفه، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهم اشهد» وأخرج أحمد، وعبد بن حميد، والترمذي، وابن جرير، والحاكم وصححه، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي عن جبير بن مطعم عن أبيه في قوله: {وانشق القمر} قال: انشقّ القمر ونحن بمكة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صار فرقة على هذا الجبل، وفرقة على هذا الجبل، فقال الناس: سحرنا محمد، فقال رجل: إن كان سحركم، فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن جرير، وابن مردويه، وأبو نعيم عن عبد الرحمن السلمي قال: خطبنا حذيفة بن اليمان بالمدائن، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: {اقتربت الساعة وانشق القمر}، ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشقّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، اليوم المضمار وغدًا السباق.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {مُهْطِعِينَ} قال: ناظرين.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه {فَفَتَحْنَا أبواب السماء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ} قال كثير: لم تمطر السماء قبل ذلك اليوم، ولا بعده إلاّ من السحاب، وفتحت أبواب السماء بالماء من غير سحاب ذلك اليوم، فالتقى الماءان.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عنه أيضًا {على ذَاتِ ألواح وَدُسُرٍ} قال: الألواح: ألواح السفينة، والدسر: معاريضها التي تشد بها السفينة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضًا في قوله: {وَدُسُرٍ} قال: المسامير.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه قال: الدسر كلكل السفينة.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي عنه أيضًا في قوله: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرءان لِلذّكْرِ} قال: لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلموا بكلام الله.
وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعًا مثله.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن عباس {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} قال: هل من متذكر. اهـ.

.تفسير الآيات (18- 22):

قوله تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (21) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما انقضت قصة نوح عليه السلام على هذا الهول العظيم، كان ذلك موجبًا للسامع أن يظن أنه لا يقصر أحد بعدهم وإن لم يرسل برسول فكيف إذا أرسل، فتشوف إلى علم ما كان بعده هل كان كما ظن أم رجع الناس إلى طباعهم؟ وكانت قصة عاد أعظم قصة جرت بعد قوم نوح عليه السلام فيما يعرفه العرب فيصلح أن يكون واعظًا لهم، وكان عذابهم بالريح التي أهلكتهم ونسفت جبالهم التي كانت في محالهم من الرمال المتراكمة، فنقلها إلى أمكنة أخرى أقرب دليل إلى أنه تعالى يسير الجبال يوم الدين، هذا إلى ما في صفها الخارج عن العوائد من تصوير النفخ في الصور تارة للقيامة وتارة للأحياء، فأجيب بقوله: {كذبت عاد} أي أوقعت التكذيب العام المطلق الذي أوجب تكذيبهم برسولي هود عليه السلام في دعوته لهم إليّ وإنذاره لهم عذابي.
ولما كان عادة الملوك أو بعضهم أنه إذا أهلك قومًا كثيرين من جنده نجا ناس مثلهم بمثل ذنوبهم أن يرفع بهم، ويستألفهم لئلا يهلك جنده، فيختل ملكه، عقب الإخبار بتكذبيهم الإعلام بتعديهم لأنه لا يبالي بشيء لأن كل شيء في قبضته، ولما كان تكذيبهم إلا بإرادته كا أن عذابه بمشيئته، قال مسببًا عن ذلك: {فكيف} أي فعلى الأحوال لأجل تكذيبهم {كان عذابي لهم ونذر} أي وإنذاري إياهم بلسان رسولي، وكرر في آخر قصتهم هذا الاستخبار، فكان في قصتهم مرتين كما تقدم من سره- والله أعلم.
ولما ذكر تكذيبهم وأعقبه تعذيبهم، علم السامع أنه شديد العظمة فاستمطر أن يعرفه فاستأنف قوله، مؤكدًا تنبيهًا على أن قريشًا أفعالهم في التكذيب كأفعالهم كأنهم يكذبون بعذابهم: {إنا أرسلنا} بعظمتنا، وعبر بحرف الاستعلاء إعلامًا بالنقمة فقال: {عليهم ريحًا} ولما كانت الريح ربما كانت عيانًا، وصفها بما دل على حالها فقال: {صرصرًا} أي شديد البرد والصوت.
ولما كان مقصود السورة تقريب قيام الساعة ووصف سيرهم إلى الداعي بالإسراع، ناسب أن يعبر عن عذابهم بأقل ما يمكن، فعبر باليوم الذي يراد به الجنس الشامل للقليل والكثير وقد يعبر به عن مقدار من الزمان يتم فيه أمر ظاهر سواء لحظة أو أيامًا أو شهورًا أو كثيرًا من ذلك أو أقل كيوم البعث ويوم بدر ويوم الموت بقوله تعالى:- {إلى ربك يومئذ المساق}- [القيامة: 35]: {في يوم} وأكد شؤمها بذم زمانها فقال: {نحس} أي شديد القباحة، قيل: كان يوم الأربعاء آخر الشهر وهو شوال لثمان بقيت إلى غروب الأربعاء، وحقق لأن المراد باليوم الجنس لا الواحد بالوصف فقال: {مستمر} أي قوي في نحوسته نافذ ماض فيما أمر به من ذلك شديد أسبابه، موجود مرارته وجودًا مطلوبًا من مرسله في كل وقت، مستحكم المرارة قويها دائمها إلى وقت إنفاذ المراد.
ولما علم وصفها في ذاتها، أتبعه وصفها بما يفعل فيه فقال: {تنزع} أي تأخذ من الأرض بعضهم من وجهها وبعضهم من حفر حفروها ليتمنعوا بها من العذاب، وأظهر موضع الإضمار ليكون نصًا في الذكور، والإناث فعبر بما هو من النوس تفضيلًا لهم فقال: {الناس} الذين هم صور لا ثبات لهم بأرواح التقوى، فتطيرهم بين السماء والأرض كأنهم الهباء المنثور، فتقطع رؤوسهم من جثثهم وتغير ألوانهم تعتيمًا لهم إلى السواد، ولذا قال: {كأنهم} أي حين ينزعون فيلقون لا أرواح فيهم كأنهم {أعجاز} أي أصول {نخل} قطعت رؤوسها.
ولما كان الحكم هنا على ظاهر حالهم، وكان الظاهر دون الباطن، حمل على اللفظ قوله: {منقعر} أي منقصف أي منصرع من أسفل قعره وأصل مغرسه، والتشبيه يشير إلى أنهم طوال قد قطعت رؤوسهم، وفي الحافة وقع التشبيه في الباطن الذي فيه الأعضاء الرئيسة، والمعاني اللطيفة، فأنث الوصف حملًا على معنى النخل لا للطفها- والله أعلم.
ولما طابق ما أخبر به من عذابهم ما هو له به أولًا، أكد ذلك لما تقدم من سره فقال مسببًا عنه مشيرًا إلى أنه لشدة هوله مما يجب السؤال عنه: {فكيف كان} أيها السائل، ولفت القول إلى الإقرار تنبيهًا للعبيد على المحافظة على مقام التوحيد: {عذابي} لمن كذب رسلي {ونذر} أي وإنذاري أو رسلي في إنذارهم هل صدق.
ولما أتم سبحانه تحذيره من مثل حالهم بأمر ناظر أتم نظر إلى تدبير ما في سورة الذاريات، أتبع ذلك التنبيه على أنه ينبغي للسامع أن يتوقع الحث على ذلك، فقال مؤكدًا لما لأكثر السامعين من التكذيب بالقال أو بالحال معلمًا أنه سهل طريق الفرار من مثل هذه الفتن الكبار إليه، وسوى من الاعتماد عليه، عائدًا إلى مظهر العظمة إيذانًا بأن تيسير القرآن لما ذكر من إعجازه لا يكون إلا لعظمة تفوت قوى البشر، وتعجز عنها القدرة {ولقد يسرنا} على ما لنا من العظمة في الذات والصفات {القرآن} الجامع الفارق كله وما أشارت إليه هذه القصة من مفصله {للذكر} للحفظ والشرف والفهم والتدبير والوعظ والاتعاظ ما صرفنا فيه من أنواع الوعظ مع التنبيه للحفظ بالإيجاز وعذوبة اللفظ وقرب الفهم وجلالة المعاني وجزالة السبك وتنويع الفنون وتكثير الشعب وإحكام الربط {فهل من مدَّكر} أي تسبب عن هذا الأمر العظيم الذي فعلناه أنه موضع السؤال عن أحوال السامعين: هل فيهم من يقبل على حفظه ثم تدبره وفهمه ويتعظ بما حل بالأمم السالفة، ويتذكر جميع ما صرف من الأقوال وينزلها على نفسه وما لها من الأحوال، ويجعل ذلك لوجهنا فيلقيه بتشريفه به أمر دنياه وأخراه. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18)} وفيه مسائل:
الأولى: قال في قوم نوح: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ} [الشعراء: 105] ولم يقل في عاد كذبت قوم هود وذلك لأن التعريف كلما أمكن أن يؤتى به على وجه أبلغ فالأولى أن يؤتى به والتعريف بالاسم العلم أولى من التعريف بالإضافة إليه، فإنك إذا قلت: بيت الله لا يفيد ما يفيد قولك الكعبة، فكذلك إذا قلت: رسول الله لا يفيد ما يفيد قولك محمد فعاد اسم علم للقوم لا يقال قوم هود أعرف لوجهين أحدهما: أن الله تعالى وصف عادًا بقوم هود حيث قال: {أَلاَ بُعْدًا لّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} [هود: 60] ولا يوصف الأظهر بالأخفى والأخص بالأعم ثانيهما: أن قوم هود واحد وعاد، قيل: إنه لفظ يقع على أقوام ولهذا قال تعالى: {عَادًا الأولى} [النجم: 50] لأنا نقول: أما قوله تعالى: {لّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} [هود: 60] فليس ذلك صفة وإنما هو بدل ويجوز في البدل أن يكون دون المبدل في المعرفة، ويجوز أن يبدل عن المعرفة بالنكرة، وأما عادًا الأولى فقد قدمنا أن ذلك لبيان تقدمهم أي عادًا الذين تقدموا وليس ذلك للتمييز والتعريف كما تقول محمد النبي شفيعي والله الكريم ربي ورب الكعبة المشرفة لبيان الشرف لا لبيانها وتعريفها كما تقول: دخلت الدار المعمورة من الدارين وخدمت الرجل الزاهد من الرجلين فتبين المقصود بالوصف.
المسألة الثانية:
لم يقل كذبوا هودًا كما قال: {فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا} [القمر: 9] وذلك لوجهين أحدهما: أن تكذيب نوح كان أبلغ وأشد حيث دعاهم قريبًا من ألف سنة وأصروا على التكذيب، ولهذا ذكر الله تعالى تكذيب نوح في مواضع ولم يذكر تكذيب غير نوح صريحًا وإن نبه عليه (في) واحد منها في الأعراف قال: {فأنجيناه والذين مَعَهُ فِي الفلك} [الأعراف: 64] وقال حكاية عن نوح: {قال رَبّ إِنَّ قَوْمِى كَذَّبُونِ} [الشعراء: 117] وقال: {إِنَّهُمْ عصونى} [نوح: 21] وفي هذه المواضع لم يصرح بتكذيب قوم غيره منهم إلا قليلًا ولذلك قال تعالى في مواضع ذكر شعيب فكذبوه: وقال: {الذين كَذَّبُواْ شُعَيْبًا} [الأعراف: 92] وقال تعالى عن قومه: {وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذبين} [الأعراف: 66] لأنه دعا قومه زمانًا مديدًا وثانيهما: أن حكاية عاد مذكورة هاهنا على سبيل الاختصار فلم يذكر إلا تكذيبهم وتعذيبهم فقال: {كَذَّبَتْ عَادٌ} كما قال: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ} ولم يذكر دعاءه عليهم وإجابته كما قال في نوح.